Menu

تحليلتعديلات  المفاوض الفلسطيني على قرار مجلس الأمن تقوض الاستهدافات الصهيو أميركية من صفقة تبادل الأسرى

عليان عليان

خاص بوابة الهدف



لم تنطل على المفاوض الفلسطيني، الجمل العامة والعبارات الفضفاضة ، في قرار مجلس الأمن  الذي  تضمن الصفقة الإسرائيلية المطروحة ، التي  وردت في خطاب الرئيس الأمريكي " جو بايدن" في الحادي والثلاثين من شهر مايو ( أيار) الماضي،  وكان المفاوض الفلسطيني بالمرصاد لكل حرف وفاصلة في النص، لأن المسألة تتعلق بمصير الأهل في قطاع غزة وبجغرافيا القطاع ومستقبله السياسي ، لا سيما وأن المفاوض يستند إلى ميزان قوى على الأرض لصالح المقاومة ، في إطار الحرب غير المتناظرة ، ومن ثم فإن المفاوض الفلسطيني  الذي يمثل كل فصائل المقاومة ،  غير معني بتقديم أي تنازل بأي ثابت من الثوابت الوطنية ، التي فرضتها في اتفاق  السادس من مايو ( أيار) الماضي.
التعديل الأول الذي أكدت عليه " حماس" يتمثل في انسحاب قوات الاحتلال من معبر فيلادلفيا ومحور صلاح الدين ، باعتبار هذا الشرط مسألة سيادية تخص الجانبين الفلسطيني والمصري ما يتطلب أن يحل أمن الحكومة في غزة محل قوات الاحتلال ، إذ أن بقاء قوات الاحتلال في معبر رفح ومحور صلاح الدين ، يعني إصرار الإدارة الأمريكية على تشريع احتلال المعبر والإبقاء على محاصرة القطاع ، كون المعبر هو المنفذ الوحيد للقطاع على العالم .
التعديل الثاني : أن تنطوي المرحلة الأولى قبل مبادلة الأسرى، على انسحاب قوات الاحتلال من عموم قطاع غزة ، وليس من المناطق المأهولة فقط  ، لأن الانسحاب من المناطق المأهولة يعني في هذه المرحلة ، تشريع  احتلال المناطق العازلة التي عمل الاحتلال على إقامتها في الشريط الشرقي للقطاع،  التي تتراوح   مساحتها ما بين 20 -30 في المائة من مساحة القطاع.
التعديل الثالث أن ينص الاتفاق على وقف إطلاق نار دائم ، وأن لا يخضع للمفاوضات وفق ما نص عليه القرار في المرحلة الأولى  المحددة ب (ستة أسابيع) "وأن وقف إطلاق النار سيستمر طالما  المفاوضات مستمرة".
والمفاوض الفلسطيني بهذه التعديلات ، رغم ترحيبه  التكتيكي بالقرار بطريقة "نعم ولكن"  (اللعم) ، إلا أنه  أعاد الأمور إلى الثوابت، التي فرضها في اتفاق السادس من مايو ( أيار) الماضي ،ممثلةً  بوقف إطلاق نار دائم ، وانسحاب قوات الاحتلال من عموم قطاع غزة   وعودة النازحين غير المشروطة من الجنوب إلى مناطق الوسط وغزة ومحافظة الشمال ورفع الحصار عن  القطاع .
كما أن المفاوض الفلسطيني يدرك جيداً أن العدو الصهيوني ، بدعم من الإدارة الأمريكية يريد من الصفقة  تنفيذ المرحلة الأولى فقط ، التي تشمل الإفراج عن عدد وازن من أسراه من النساء وكبار السن والمجندات ، ليواصل بعد ذلك العدوان على قطاع غزة.
 اللافت للنظر أن وزير الخارجية الأمريكي رغم طرح نفسه كوسيط إلا أنه ليس  منحازاً فقط لحكومة العدو ، بل يتصرف كمحامي لها ، إذ راح يحمل " حركة حماس"  مسؤولية  تعطيل  تنفيذ القرار  ، وأنها لم ترد على الصفقة إلا بعد مرور (12) يوما ،متجاهلاً حقيقة  أن "حماس" رحبت  بالقرار  على قاعدة ( نعم ولكن)  لأن القرار لا يعالج كافة التفاصيل ، بينما نتنياهو لم يدل بأي تصريح يشي بقبوله  الصفقة ، مشيراً إلى "أنها لا تراعي المطالب الإسرائيلية ، وأنها تفتقر إلى الدقة".
 وراح بلينكن  يكذب أمام وسائل الإعلام  بدون خجل أو وجل ، وفي مؤتمر الاستجابة الدولية الذي عقد في البحر الميت بقوله  "أن نتنياهو قال نعم للقرار" وكرر العبارة مرتين ،  متجاهلاً بعنجهية إمبريالية قذرة ، حقيقة أن نتنياهو لم بتوقف عن الإدلاء بالتصريحات بأنه ضد وقف إطلاق نار دائم ، وأن  حكومته معنية باستمرار  بسط  سيطرتها الأمنية على القطاع وتنصيب إدارة فلسطينية مطواعة ، على شاكلة روابط القرى  العميلة ، في ظل بقاء الاحتلال .
وبلينكن في مسلسل الأكاذيب الذي يمارسه ، يعمل على توفير الحماية لرئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ، من مظاهرات عائلات الأسرى ومناصريها ، بزعم أن حماس هي من تفشل مفاوضات  صفقة  تبادل الأسرى ،  وفي ذات الوقت يوفر الغطاء السياسي له في مواجهة كل من سيموريتش  وبن غفير اللذان يرفضان الصفقة ، من خلال عدم  تعرضه لحقيقة موقف نتنياهو الرافض لوقف إطلاق النار والانسحاب من قطاع  غزة.
وزير الخارجية الأمريكي " أنتوني بلينكن " الذي يقود الحرب العدوانية  على قطاع غزة  مع رئيسه بايدن ، يتصرف من واقع   انتمائه اليهودي الصهيوني ، وكأنه وزير خارجية الكيان الصهيوني ، خاصةً عندما يرد على تعديلات المقاومة بقوله:  أن بعض التعديلات يمكن معالجتها والبعض الآخر لا يمكن إطلاقاً الأخذ بها ، إذ أن مثل هذه الردود لا تصدر عن الوسيط المفترض بل  يفترض أن يصدر عن حكومة العدو .
 واللافت للنظر ، أن بلينكن  بتصريحاته  المتتالية، عن اليوم التالي لوقف الحرب : "لن نسمح لحركة حماس أن تقرر مصير القطاع  ومصير المنطقة" ،ً فإنه يتجاهل  حقيقة أن  المقاومة المنتصرة هي التي تقرر مصير القطاع  ،في إطار وحدة وطنية  فلسطينية مستندة إلى برنامج وثوابت  المقاومة ، وإذا كان من رهان على تنازل المقاومة عن شروطها تحت ضغط الحصار وضغط الوسطاء وضغط التجويع والإبادة الجماعية ، فهو رهان بائس  وخاسر ، ولن يتحقق خاصةً بعد  ارتقاء ما يزيد (38) ألف  شهيد وما يزيد عن 84 ألف مصاب .
ما يهم الشعب الفلسطيني ومحور المقاومة وجماهير الأمة العربية ، أن المقاومة ثابتة على موقفها رغم الضغوط الهائلة من الإدارة الأمريكية ومن الوسطاء ، وأن قيادة المقاومة تدير المعركة الدبلوماسية باقتدار ، كما تدير المعركة العسكرية بكل اقتدار ، وأنها لن تتراجع قيد أنملة عن شروطها وثوابتها بشأن الصفقة المطروحة